September 24th 2023
Article ID : 65104176b8e7482b031459f7
هل استغاث النووي رحمه الله بالنبي صلى الله عليه وسلم ؟


السؤال:

يستدل أحد الصوفية بكلام النووي رحمه الله في كتابة التلخيص "وهذا حين أشرع في شرح الكتاب مستعينا بالله تعالى متوكلا عليه، مفوضا أمري إليه، مستشفعا برسول الله صلى الله عليه وسلم المضاف هذا الكتاب إلى سننه صلى الله عليه وسلم، في يسير إتمامه مع الصيانة وعموم الفائدة" على جواز الإستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم وطلب الشفاعة منه صلى الله عليه وسلم فما الرد عليهم ؟ وهل النووي بهذا الكلام استغاث بالنبي صلى الله عليه وسلم وطلب الشفاعة منه ؟


الجواب :


وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

أخي الكريم ... إن الاستشفاع غير الاستغاثة التي يريدها من ذكرت في سؤالك والاختلاف بينهما من وجوه متعددة ، ومن ذلك أن الاستشفاع طلب الشفاعة وهذا ثابت في حق النبي صلى الله عليه وسلم تجاه أمته ومنه حديث جابر في الصحيحين وفيه قوله عليه الصلاة والسلام "وأعطيت الشفاعة" والأحاديث في باب شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم كثيرة ومعنى ذلك أن المؤمنين يقصدون النبي صلى الله عليه وسلم أن يشفع لهم عند ربهم بما قد خوله الله تعالى في ذلك وهذا واضح. وأما الاستغاثة فإن كانت بمعنى الشفاعة فهذا صحيح تحتمله اللغة ولكن يغني عن لفظ الاستغاثة لفظ الشفاعة الثابت شرعا لاسيما إذا أوهم لفظ الاستغاثة في هذا المقام معنى غير صواب . وأما إذا كان بمعنى طلب الغوث، وهو إزالة الشدة وهو ما يقصده كثير من الصوفية فهذا لا يجوز إذ أنه أمر لايقدر عليه إلا خالق الشدة وهو الله تعالى وحده فتطلب منه وحده عز وجل. والله أعلم

فكل استشفاع استغاثة ولا عكس فهي استغاثة مخصوصة دل عليها الدليل والممنوع هي الاسغاثة العامة الغير منصوص عليها شرعا . والاستشفاع الذي هو طلب الشفاعة بالنبي صلى الله عليه وسلم مبتغى كل مؤمن فأين هذا من الاستغاثه به فيما لا يجوز إلا في حق الله تعالى .


إلحاق مهم :


واعلم أخي السائل أن أهل العلم من أهل السنة والجماعة ومنهم الحافظ النووي رحمه الله متفقون على أن أقوال العلماء منهم وممن سلفهم يستدل لها ولا يستدل بها ، فهم لايستدلون بها مجردة من جنس استدلالهم بالأدلة السمعية نصية كانت أو استنباطية. أي أنهم لا يستدلون بها منفصلة عن معتمد شرعي فجميعهم عبيد لله تعالى مأمورون باتباع الكتاب والسنة على فهم الجماعة. وهم مجمعون على أن قول آحاد العلماء مهما عظم القائل في العلم والديانة والصيانة فلن يصل قوله قط إلى مبلغ الإحتجاج به على وجه الآصالة دون اعتضاد قوله بأدلة الكتاب والسنة وفهم السلف رضوان الله عليهم.


وعليه فلا يصح البتة أن يقتص أحد مقالة لآحاد العلماء ويأتي مستدلا بها على جواز أو تحريم من جنس الاستدلال بأدلة الشرع التفصيلية . فكلامهم يبين معاني الشرع ولا يغير معانيه. وكلامهم يكون في تنزيل أحكام الشرع على القضايا مراعين تلك المقاصد التي وضعها الشارع آصالة فهم في فلك الشريعة يدورون ، ولم يكونوا قط حكماء عليها على وجه التفرد . فانتبه يا رعاك الله إذ أن مثل هذا في حقيقته يباين معنى الأدب في التعامل مع كلامهم لأنه مخالف لما درجوا عليه. والسلام عليك.

Share