السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ما حال حسن باشعيب ويوسف الجزائري ؟ وهل هما من علماء الجرح والتعديل ؟ وما هي نصيحتكم لمن ينشر ردودهم ويسبب الفتن والفرقة بين السلفيين ؟ جزاكم الله خيرا .
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أخي الكريم وفقنا الله وإياكم لما يحبه ويرضاه .
اعلم أن كثيرا من الأطروحات الدعوية ممن ذكرتهم في سؤالك أدل دليل لمن كان منصفا متجردا على عدم أهلية من ذكرت للتصدر باسم الدعوة والدفاع عنها والواقع خير شاهد بل إن حقيقة أمثال هؤلاء هو أنهم كلفة وثقل وحمل على الدعوة وأهلها .
فالنهج الذي يمضي عليه هؤلاء ومن مثلهم من الغلاة يعتبر جناية على السلفية وأهلها إذ أنها " لوثة فكرية " تكونت بسبب الفهم الخاطئ لمفهوم السلفية بل والعلم أصلا ، وذلك من جوانب متعددة.
منها أحادية النظر والتطبيق دون النظر إلى مآلات الأمور وأنواعها مما ينتج عنه عوارض خطيرة مثل قضية تبديع الناس بالجملة والمفرق دون تمييز .
ومنها كذلك تجريد الأصول الشرعية وفروعها من التطبيق العملي لأهل العلم أي تجريد مفهوم السلفية عن سير علمائها مما ينتج عنه هوى مغلف بطابع سلفي لا غير ولذا مثلا تراهم يكثرون من الجزم والقطع في مسائل شهر الاختلاف فيها بين أهل العلم حقا لقوة التجاذب بين أطراف الخلاف فيها فتجدهم كثيرا ما يحرصون على نبذ الرأي المخالف لما يعتقدونه وإلغائه مهما كان ثقيلا في ميزان العلماء .
ولذا تجد فتاوى لهم في مسائل عويصة ينبغي للحبر فيها أن يتأخر وإذا تقدم فلا يقطع ! يعرض فيها الفتوى ملبسة بطابع الأدب والتقدير وغاية التواضع لشدة الخلاف وأما عند هؤلاء فهي أجوبة سريعة مختصرة مقطوعة ذات أنصاف سطور ! والعجيب أن ذلك عند مقلديهم دليل على الفقه الغزير ! وددنا لو كانت حقا أن تعلم ابن عبدالبر وابن حزم والنووي وابن قدامة وابن تيمية هذا السبيل ليختصروا تلك المجلدات الكثيرة بكتيبات صغيرة على نحو يجوز ولا يجوز على طريقة حسن باشعيب !
واعلم أخي أن هذا النحو من الطرح لا يخرج إلا مقلدة متعصبة غير مؤصلة ولا مؤهلة على نحو صحيح مغيبة عن الواقع الدعوي والتراث العلمي إذ أنها لا ترى الحق إلا في قول شيخها دون غيره من الناس في الغالب.
وإذا تعلم هؤلاء الخلاف فإنهم في الغالب يتجردون من آدابه أي يتعلمون الخلافيات مجردة من آدابها فلا يحسنون التعامل مع صاحب القول المخالف ولا ينزلونه المنزلة التي يستوجبها ميزان العلم لأنهم حققوا بطلانه ابتداءا وإن كان قولا لجمهور الأمة !
ومن ذلك ضيق في الأفق وقصور في النظر ينتج عنه واقع افتراضي لا يوجد إلا في مخيلة هؤلاء ولذا تجدهم يعتبرون جل من خالفهم ككل أنه مخالف لأهل السنة والجماعة ككل أي منذ خلق الله أهل السنة إلى يومنا هذا !
وما سبب ذلك إلا خيال لا علمي يفرض أنهم وحدهم أهل السنة دون العالمين ! بل تراهم يفترضون أنفسهم أثبت الناس وأصفى الناس واعقل الناس وأعلم الناس وغير ذلك تارة على نحو مباشر وتارة على نحو غير مباشر !
ناهيك عن تقحم الصدور والنيات وتكلف الجرح بغير مجرح وإكبار ما حقه الإعراض والمبالغة في موارد التعافي والعجلة في مواطن التؤدة سلاقة في اللسان وسخف في التوصيف يترفع عنه أهل المروءة وغير ذلك من الأمور أعاذنا الله وإياكم منها .ناهيك عن اصطناع القضايا والمقاصد واختلاق أصولا وقواعد وجعلها حدودا وتناولها فوائد وهي عارية عن التأصيل العلمي الصحيح والدليل السلفي الصريح !
فمن كان هذا حاله فلا ينبغي أن يوصف بأنه صاحب مشاركات علمية دعوية لأنه حقيقة " مخرب " ناهيك أن يوصف بأنه عالم ، فضلا عن أن يوصف بأنه عالم في فرع من فروع الشريعة التي تستلزم قدرا زائدا عن وصف العالم المطلق أي قدرا زائدا من ورع وعلم ومعرفة بأحوال الأمور ومآلاتها ودراية كاملة بأبواب المصالح والمفاسد وسبر كامل أو قل كاف لمنهج العلماء في التعامل مع المخالف وأهلية تطبيق ذلك على نحو صحيح في الواقع العملي الدعوي .
سارت السلفية مشرقة وهؤلاء في أقصى الغرب ، وشتان بين مشرق ومغرب !
وأما من ينشر لهؤلاء " وفيه خير" فلا عليك إذ سيأتيه منهم ما يجعله يستفيق حالا أومآلا .. إذ أن هؤلاء القوم الغلاة كالجمرة المستعرة حيثما حلوا أحرقوا فإن لم يجدوا ما يحرقوه أحرقوا أنفسهم كالذي يتقاتل مع رجليه ! بل أذكر أنني مرة أحصيت مع أحد الإخوة في إندونيسيا مساجد من يأخذ بفكر هؤلاء ما استطعنا لنرى هل سلمت مساجدهم منذ نشأتها من خلاف وشقاق وتراشق بالتبديع بعد أن كانوا إخوة متحابين فلم يسلم من ذلك مسجد واحد فيما أحصينا ! فالوقائع متواترة باستفاقة الكثير على هذا النحو والله المستعان .