عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : ( وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَهُودِيٌّ وَلَا نَصْرَانِيٌّ ، ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ ، إِلَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ ) .
ذات مرة تحدثت مع أحد الطلاب المعروفين ، أخبرني أن هذا الحديث ينطبق على جميع الأشخاص غير المسلمين الذين يعيشون بيننا ، ثم أخبرني أن كل شخص غير مسلم في هذا العالم يعرف الإسلام لكنهم يرفضون اتباعه .
عندما سمعت هذا منه ، شعرت بالارتباك لأنني شخصياً أعرف الكثير من الشعوب غير المسلمة ، نعم هم لا يعرفون سوى القليل عن الإسلام ولكن لا يعرفون عن الإسلام بوضوح .
إذا لم يعرفوا ما هو الإسلام وما هو التوحيد فكيف هذا النوع من الناس سيعاقب يوم القيامة ؟!
كثير من غير المسلمين يعانون يوميًا من دون طعام أو مأوى ، ما هو وضعهم يوم القيامة ؟!
إعادة طرح هذا السؤال هو ، أنا أعيش وسط مجتمع غير مسلم ، هنا كثير من غير المسلمين ليس لديهم معرفة معتبرة بالإسلام ، لديهم القليل جدًا من المعرفة ، وسمعت من بعض طلبة العلم قالوا إن الله لن يعاقب أحدا حتى يبيّن له الإسلام هل هذا صحيح ؟
كلام الأخ طالب العلم الذي أشرت إليه في سؤالك غير صحيح على إطلاقه لأنه عمم ما خصصه أهل العلم وحمل الحديث على ظاهره فتناقض بذلك مع أدلة أخرى في نفس الباب كما أشار إلى ذلك أهل العلم . ولذا فإن فطرتك السليمة التي تتتبع مواضع العدل وتكره الظلم لم تقبله وهذا حق .
والخلاصة أن في سؤالك قضيتين : الأولى قضية دعوى تعذيب من بلغه الإسلام على غير حقيقته ! والقضية الثانية دعوى أنه لا يوجد اليوم قوم لم يسمعوا بالإسلام بسبب وجود هذا الإعلام المنتشر .
والصواب في القضية الأولى هو أن المقصود من الحديث السابق في قوله عليه الصلاة " يَسْمَعُ بِي " أي السماع الذي هو بمعنى بيان الشيء على حقيقته وليس هو فقط مطلق السماع .
ولذا قال ابن عثيمين رحمه الله : وظاهر الحديث أن مجرد السماع تقوم به الحجة ، لأنه قال : ( يسمع بي ) ، ولكن يخصص هذا العموم بسماع يبين الأمر ، لقوله تعالى: (( وَمَاۤ أَرۡسَلۡنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوۡمِهِۦ لِیُبَیِّنَ لَهُمۡۖ )) . فلا بد أن يحصل البلاغ الذي يقوم به البيان .
فالحاصل أن هذا الحديث قد يستدل به من يرى أن مجرد سماع الحجة كافٍ في إقامتها عليه ، لأنه قال: ( ثم لم يؤمن بالذي أرسلت به ) ، لكن يقال : النصوص يقيد بعضها بعضًا فلا بد من أن تبلغه على وجه يعرف المعنى ) . وهكذا يقول الامام الألباني وغيرهم رحمهم الله تعالى
والله أعلم