وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته إعلم أخي الكريم أن الذين خرجوا في فتنة ابن الأشعث صنفان . الأول هو العلماء ومن إليهم ممن أراد بخروجه تغيير الحجاج بن يوسف ولم يرد بذلك نزع يد الطاعة من دولة بني أمية والسبب هو ظلمه وإراقته الدماء واستهانته بكثير من الحرمات كتأخيره للصلوات ولذا حكم بعض أهل العلم عليه بالكفر .فهؤلاء لايقال عنهم خوارج بل علماء فضلاء متأولون وقعوا في الخطأ. والدليل على فضلهم هو أنه قد تبين لأكثرهم ذلك الخطأ في أثناء حياتهم ولذا تراجعوا عنه صراحة واستغفروا كما حصل من الحسن البصري والشعبي وغيرهم . الصنف الثاني هم أصحاب الدنيا وهؤلاء إنما أرادوا بخروجهم عرض الدنيا ومنافسة الحجاج في الولاية والعلو في الأرض ونحو ذلك من المقاصد غير الشرعية ومن هؤلاء عبد الرحمن بن الأشعث نفسه ومن إليه. فهؤلاء خوارج أرادوا قلب الحكم ونزع يد الطاعة دون مسوغ شرعي أو طريق صحيح . فابن الأشعث أراد ابتداءا منافسة الحجاج ثم زاد جشعه عند أن اجتمع عليه الناس فأراد منافسة الخليفة عبد الملك نفسه . وجل هؤلاء ماتوا على ما هم عليه من الباطل منهم ابن الاشعث نفسه إلا من رحم الله منهم . والعبرة من ذلك أن الفتن إنما تبدأ صغيرة ثم تكبر قليلا قليلا فإذا لم يقطعها أهل العلم والدين توسعت حتى كادت تلتهم الجميع . وترك المسائل العملية الدعوية خاصة تلك التي فيها تصنيف الناس خصوصا الولاة من الأمراء والعلماء والكلام على أحوالهم ليخوض فيها الجهال بجهلهم دون رادع أمر خطير يؤذي الجميع . والله أعلم