June 27th 2022
Article ID : 62b9fa45ceab340629dbe3be
كيفية التعامل مع الغلاة الذين يلزمون الناس بالتبديع

السؤال :

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أستاذنا .
كيف نتعامل مع الغلاة الذين يلزمون الناس بالتبديع وينفرون من هذا المنهج القويم ؟
وفقنا الله وإياكم .


الجواب :


وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

بالاستقراء والتجربة تعلم أن التعامل الناجع مع من كان هذا وصفه لا يكون إلا من جهتين لا ثالث لهما ولا بد أن تتلازم تلك الجهتان أثناء التعامل معهم على حد سواء بلا تغليب جهة على أخرى إلا إذ اقتضت ذلك القرائن الصحيحة .


الجهة الأولى :


بيان الخطل وإيضاح السبيل وذلك من خلال إبراز الخلل في هكذا نهج ثم تبيين الصواب بالحجج الشرعية والبراهين العقلية ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة .


وهذا مستفاد من آيتي الغلو في المائدة والنساء وذلك في قول الله تعالى : { قُلۡ یَـٰۤأَهۡلَ ٱلۡكِتَـٰبِ لَا تَغۡلُوا۟ فِی دِینِكُمۡ غَیۡرَ ٱلۡحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوۤا۟ أَهۡوَاۤءَ قَوۡمࣲ قَدۡ ضَلُّوا۟ مِن قَبۡلُ وَأَضَلُّوا۟ كَثِیرࣰا وَضَلُّوا۟ عَن سَوَاۤءِ ٱلسَّبِیلِ * لُعِنَ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ مِنۢ بَنِیۤ إِسۡرَ ٰ⁠ۤءِیلَ عَلَىٰ لِسَانِ دَاوُۥدَ وَعِیسَى ٱبۡنِ مَرۡیَمَۚ ذَ ٰ⁠لِكَ بِمَا عَصَوا۟ وَّكَانُوا۟ یَعۡتَدُونَ * كَانُوا۟ لَا یَتَنَاهَوۡنَ عَن مُّنكَرࣲ فَعَلُوهُۚ لَبِئۡسَ مَا كَانُوا۟ یَفۡعَلُونَ ..الى قوله وَلَوۡ كَانُوا۟ یُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلنَّبِیِّ وَمَاۤ أُنزِلَ إِلَیۡهِ مَا ٱتَّخَذُوهُمۡ أَوۡلِیَاۤءَ وَلَـٰكِنَّ كَثِیرࣰا مِّنۡهُمۡ فَـٰسِقُونَ } . فانظر كيف بين الله موضع الغلو والخلل فيهم وبين مواضع الفساد وأسبابه ثم بعد ذلك عرج على طريق الصواب وسبيل الهدى ولكنهم قوم فاسقون !


ومثلها آية النساء وذلك في قوله تعالى : { یَـٰۤأَهۡلَ ٱلۡكِتَـٰبِ لَا تَغۡلُوا۟ فِی دِینِكُمۡ وَلَا تَقُولُوا۟ عَلَى ٱللَّهِ إِلَّا ٱلۡحَقَّ إِنَّمَا ٱلۡمَسِیحُ عِیسَى ٱبۡنُ مَرۡیَمَ رَسُولُ ٱللَّهِ وَكَلِمَتُهُۥۤ أَلۡقَىٰهَاۤ إِلَىٰ مَرۡیَمَ وَرُوحࣱ مِّنۡهُۖ فَـَٔامِنُوا۟ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِۦۖ وَلَا تَقُولُوا۟ ثَلَـٰثَةٌۚ ٱنتَهُوا۟ خَیۡرࣰا لَّكُمۡۚ إِنَّمَا ٱللَّهُ إِلَـٰهࣱ وَ ٰ⁠حِدࣱۖ سُبۡحَـٰنَهُۥۤ أَن یَكُونَ لَهُۥ وَلَدࣱۘ لَّهُۥ مَا فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰ⁠تِ وَمَا فِی ٱلۡأَرۡضِۗ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَكِیلࣰا (171) لَّن یَسۡتَنكِفَ ٱلۡمَسِیحُ أَن یَكُونَ عَبۡدࣰا لِّلَّهِ وَلَا ٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةُ ٱلۡمُقَرَّبُونَۚ وَمَن یَسۡتَنكِفۡ عَنۡ عِبَادَتِهِۦ وَیَسۡتَكۡبِرۡ فَسَیَحۡشُرُهُمۡ إِلَیۡهِ جَمِیعࣰا (172) فَأَمَّا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ فَیُوَفِّیهِمۡ أُجُورَهُمۡ وَیَزِیدُهُم مِّن فَضۡلِهِۦۖ وَأَمَّا ٱلَّذِینَ ٱسۡتَنكَفُوا۟ وَٱسۡتَكۡبَرُوا۟ فَیُعَذِّبُهُمۡ عَذَابًا أَلِیمࣰا وَلَا یَجِدُونَ لَهُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ وَلِیࣰّا وَلَا نَصِیرࣰا (173) } فانظر كيف بين الله موضع الخلل والغلو فيهم وبين بطلانه بقوله ( وَلَا تَقُولُوا۟ ثَلَـٰثَةٌۚ ٱنتَهُوا۟ خَیۡرࣰا لَّكُمۡۚ إِنَّمَا ٱللَّهُ إِلَـٰهࣱ وَ ٰ⁠حِدࣱۖ سُبۡحَـٰنَهُۥۤ أَن یَكُونَ لَهُۥ وَلَدࣱۘ لَّهُۥ مَا فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰ⁠تِ وَمَا فِی ٱلۡأَرۡضِۗ ) ثم بين سبيل الهدى والاستقامة إن أرادوه وذلك في قوله تعالى ( لا تغلو ) وقوله ( لا تقولوا على الله الا الحق ) وقوله ( لن يستنكف المسيح..الى آخر الآيات ) وغير ذلك من الآيات .


فلا بد من السعي الحثيث في البيان والنصح بالحجة والبرهان وهو من بذل النصيحة الواجبة لعامة المسلمين وخاصتهم ومن النصح لدين الله والدفاع عنه من انتحال الجهال الذين يسلكون سبل أهل الكتاب بالغلو في الدين والتفرق فيه بالباطل .


الجهة الثانية :


الإعراض عن لمزهم وهمزهم وشتمهم وإجحافهم وفجورهم في الخصومة وجورهم في إسباغ الأحكام على أعيان المكلفين وأجناسهم وأن يوقن المرء أنه مهما استفحل ضرهم فإنه لا يجاوز أن يكون مجرد أذى لا كبير ضرر فيه والصبر عليه خير من مجاراتهم فيه . فيمضي المرء في البيان والنصح غير ملتفت لصياح من يصيح منهم مهما ارتفع .


إذ أن ذلك النهج المنحرف مهما بلغ مبلغا عظيما من الهيمنة والزخرفة فلا يعدوا أن ينجلي لأنه باطل وعند الله تجتمع الخصوم .


وهذا مستفاد من قوله تعالى : { وَمَا تَفَرَّقُوۤا۟ إِلَّا مِنۢ بَعۡدِ مَا جَاۤءَهُمُ ٱلۡعِلۡمُ بَغۡیَۢا بَیۡنَهُمۡۚ وَلَوۡلَا كَلِمَةࣱ سَبَقَتۡ مِن رَّبِّكَ إِلَىٰۤ أَجَلࣲ مُّسَمࣰّى لَّقُضِیَ بَیۡنَهُمۡۚ وَإِنَّ ٱلَّذِینَ أُورِثُوا۟ ٱلۡكِتَـٰبَ مِنۢ بَعۡدِهِمۡ لَفِی شَكࣲّ مِّنۡهُ مُرِیبࣲ * فَلِذَ ٰ⁠لِكَ فَٱدۡعُۖ وَٱسۡتَقِمۡ كَمَاۤ أُمِرۡتَۖ وَلَا تَتَّبِعۡ أَهۡوَاۤءَهُمۡۖ وَقُلۡ ءَامَنتُ بِمَاۤ أَنزَلَ ٱللَّهُ مِن كِتَـٰبࣲۖ وَأُمِرۡتُ لِأَعۡدِلَ بَیۡنَكُمُۖ ٱللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمۡۖ لَنَاۤ أَعۡمَـٰلُنَا وَلَكُمۡ أَعۡمَـٰلُكُمۡۖ لَا حُجَّةَ بَیۡنَنَا وَبَیۡنَكُمُۖ ٱللَّهُ یَجۡمَعُ بَیۡنَنَاۖ وَإِلَیۡهِ ٱلۡمَصِیرُ }


فانظر كيف أن الله تعالى أعلم نبيه صلى الله عليه وسلم أن أهل الكتاب إنما تفرقوا بسبب بغيهم بالعلم على بعضهم البعض وهذا هو سبيل أهل الغلو تماما ثم إن الله تعالى أمر نبيه صلى الله عليه وسلم بالاستقامة وعدم الالتفات إلى ما هم عليه من الهوى والفرقة والبغي بالعلم .


والله المستعان .

والله أعلم

Share