السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كيف حالكم يا أبا العطاء سلمك الله ..
معي بعض الأسئلة بخصوص بعض الفتن الحاصلة في اليمن وانتشرت إلى بعض البلدان مثل بلادنا هنا والله المستعان.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أحمد الله إليكم الذي لا إله إلا هو.
وأرجوا أن تكونوا بخير كذلك يا أستاذ…
ولو تسأل العلماء والمنصفين الذين تجشموا بيان تلك الفتن وتكفينا المؤنة فهو أفضل حفظك الله ..
أحب أن أسألك بحكم أنني سمعت أنك التقيت بالشيخ محمد حزام وأحب أن أسمع منك في هذه القضية ..
طيب تفضل .. حفظك الله ..
سؤال:
لماذا سافرت والتقيت بالشيخ محمد حزام يعني "هل أنت معه؟
الجواب:
سافرت لأسمع بأذني وأرى بعيني وأسأل وأتثبت بلساني بعد كثرة النقول والتقول وتكلف الجرح بلازم الأقوال والمبالغات وخلط بعض الحق بكثير من الباطل.
سؤال:
يعني هل أنت من مناصريه؟
الجواب:
يا أستاذ .. حفظك الله ..
أنا طالب علم أجتهد في نصر الحق ورد الباطل بعلم وتجرد ما استطعت إلى ذلك سبيلا. وأما التحديد بمعه أو ضده فليس وراء ذلك من طائل أو فائدة فالأمر أعظم من ذلك إذ أن القضية منهاج حياة يلقى بها المرء ربه وليست القضية مع فلان أو ضده .. أما بالنسبة للشيخ محمد فهو أخ احببناه في الله لاغير والقول معه كالقول مع غيره لاغير .
سؤال:
ماذا رأيت وماذا سمعت وماذا سألت؟
جواب:
رأيت خيرا كثيرا واجتهادا في العلم والتعليم من أبي عبدالله ومن إخوانه المدرسين في المركز أحسبهم والله حسيبهم شأنهم شأن جل مراكز أهل السنة ولله الحمد. ورأيت مركزا طيبا تقر به عين أهل السنة في العالم أجمع.. ورأيت طلابا كثر مقارنة مع بعض مراكز أهل السنة عندنا في جنوب اليمن فكنا نصلي في المغرب تقريبا ستة صفوف والصف يسع لاكثر من خمسين مصل "تقريبا".
وسمعت دروسا طيبة وتلاوات عطرة وسمعت شهادات وقصص من كثير من القائمين على شؤون المركز هناك مفادها اجتهاد وتفاني بعض الأخوة غفر الله لهم في تخبيب كثير من الطلاب تارة وتشويشهم تارة أخرى وغير ذلك للخروج من المركز وترك ابن حزام بتهويل القضية وتحميلها مالا تحتمل وغير ذلك والله المستعان.
وأما عن الأسئلة فهي كثيرة تارة للشيخ محمد نفسه في مجالس خاصة بيني وبينه وتارة في مجلس فيه غيرنا وتارة أسأل القائمين على الخير الذين معه من المعاونين له مثل الشيخ المفيد رضوان بطحان وفقه الله وغيره. وجلها تتمحور على قضايا متنوعة أهمها قضيتان..
الأولى.. قضية عدم قبول ابن حزام النصح ومكابرته وعناده مراجعا معهم ومستثبتا منهم ما ورد في تلك المقالات التي خرجت من أول القضية.
ثانيا.. موقفهم جميعا من الشيخ يحيى الحجوري ومن إخوانه الذين معه وموقفهم من مشايخ الوصية ومن إليهم. وغير ذلك من المسائل.
سؤال:
هل صحيح أن الشيخ محمد حزام ترك الحجوري؟
الجواب:
يا أخي المنصف أحسبك والله حسيبك.. قل الشيخ الحجوري فإذا مشيخت الشيخ محمد وحق له ذلك فمن باب أولى الشيخ يحيى وإذا كنت مثلا ساخطا على الشيخ يحيى في قضية أو أكثر فلا يمنعك ذلك من أن تعرف حقه في القضايا الأخرى.
فأنصحك ألا تعامل غيرك بما لا ترضاه لنفسك ولا لمن تحب والنبي صلى الله عليه وسلم يقول أد الأمانة لمن ائتمنك ولا تخن من خانك . وقبل ذلك يقول الله تعالى ولا يجرمنكم شنئان قوم على ألا تعدلوا ..
السائل :
طيب المعذرة ولم أقصد التنقص .. سؤال ما سبب ترك الشيخ محمد للشيخ الحجوري؟
الجواب :
أولا : أنا لم أقل أن الشيخ محمد ترك الشيخ يحيى بل ولا أسلم لك بذلك إذا قصدت بها متاركة الهجر والمدابرة والتضاد ونحو ذلك كما هو حال المتاركة مع المبتدعة لأن معنى المتاركة قد يفهم منه ذلك..
فالشيخ محمد يقول الشيخ يحيى عالم والخ سمعتها منه مرارا في أكثر من جلسة ولكن حصل ما حصل مما سبب الفجوة التي علمت وأما أن وصف الشيخ محمد للشيخ يحيى بعالم لا يكفي في أنه يقر بفضله عالما إلا أن يأخذ بقوله في تبديع أصحاب الوصية وإلا معنى ذلك أنه لا يعترف به عالما ولا بحقه فاضلا بل معناه أنه تركه فخطأ ظاهر وإجحاف فكري على مذهب عنز ولو طارت .
ثانيا : قد نصف الحال بنوع من التجافي في وصال الدعوة مقارنة بما سبق بمعنى أني أجزم أن الشيخ محمد إنما ترك مرجعية الشيخ يحيى في قضية مشايخ الوصية "الإبانة" خاصة وأرجح أنه لا يأخذ بمرجعية الشيخ في قضايا الدعوة بعد ما حصل والله المستعان.
إذا هو ترك جزئي في ناحية مخصوصة ولا يلزم منه الوصف بالترك المطلق أو التبديع أو الهجر أو نحو ذلك وغاية الحكم في ذلك بين الصواب والخطأ والتفصيل بينهما لا غير ، إذا فليس هو من جنس ترك أهل السنة لأهل البدع أو أنه ترك يفضي إلى خيانة ولئم وعض يد ونحو ذلك من التهويلات التي يمتهنها كثير ممن جانب الصواب والله المستعان.
وما أقرب الإصلاح لو فطنا …
طيب أقول وهنا ملاحظتان أقولها تدينا :
الأولى فيما يخص نسبة أي كلام أو موقف للشيخ يحيى، فكما تعلم ويعلم الكثير أنه لا يوجد في كلام الشيخ يحيى الرسمي وكتابته الرسمية كذلك سواء على موقعه الناطق باسمه أو رسائله الموقعة باسمه كثيرا من هذه الأقاويل التي تنسب إليه بل حتى لا تجد تحزيبا وتبديعا صريحا منه لمشايخ الوصية ومن إليهم هكذا بالجملة ناهيك عن الشيخ محمد! فلا يصح إطلاقا أن تنسب كلاما للشيخ حتى يصرح وأكثر ذلك إنما هي تصريحات لمن ينتسب إليه وحقيقة هذا الحال أنها خطأ من جهات عدة لأنها سبب في تصدر كثير ممن لا يحسن تأصيل المسائل الدعوية وتقعيدها ناهيك عن البت والحكم فيها ومن ثم البناء عليها والأمثلة كثيرة.
الثانية : فيما يخص قضية المتاركة فعند التأمل في القضية تجد أن الذي يوصف بالترك ليس هو الشيخ محمد وإنما هو أكثر أصحابه الذين تركوه سواء من إخوانه المشايخ طلاب العلم الذين كانوا معه عند أن كان قوله مثل قولهم في مشايخ الوصية أو كثيرا من طلابه الذين تركوا مركزه بعد أن صرح بتراجعه عن تبديع مشايخ الوصية .. ولذا لا أحصي لك عددا من الذيت تواصلوا بي بين فاضل ونازل لأترك الشيخ محمدا ! بمعنى : أنك لا تجد تصريحا لابن حزام فيما أعلم يقول فيه أنا بريئ من الشيخ يحيى ومن إليه ! أو تركتكم وما أنتم عليه ونحو ذلك .. ولكن تجد مثل هذه التصريحات في كلام كثير من أصحاب الشيخ يحيى مثل الشيخ أبي بلال أصلحنا الله وإياه وغيره .. يقولون مثلا ..ما نحن حوله وما هو حولنا.. اتركوه .. اخرجوا كتبه الخ .. هذا من جانب ..
ومن جانب آخر عند أن يأتيك رجل ويقول لك إما أن تأخذ بقولي أو أتركك "وأنت تعتقد وتدين بخلافه في مسألة غاية ما توصف عند كل منصف بأنها اجتهادية احتمالية إذ أنها ليست مما دل عليها صريح الكتاب والسنة ولم ينعقد عليها إجماع العلماء في الدنيا قاطبة ويتطرقها التأويل والاحتمال من جل جوانبها" ! ثم لا تأخذ بقوله فيحذر منك ويشهر بك ويخبب عليك طلابك .. فلا يصح أن يقال أنك أنت من تركته بل العكس هو الصحيح فلم قلب الحقائق !
سؤال:
أليس من الغلو تبديع المشايخ الذين بدعهم الشيخ الحجوري؟
الجواب:
حقيقة عند التمحيص تجد أن توصيف الغلو في قضية مطلق تبديع عين أو جنس فيه نظر لأنها في أصلها قضية علمية فهي بين الخطأ والصواب "في الأغلب" أي أنها في الأصل قضية استنباطية وبمعنى آخر اجتهادية والاجتهاد من العلماء معرض للخطأ والصواب فإذا حفا ذلك الاجتهاد الذي هو إنفاذ وعيد التبديع على معين أو جنس إجماعا لظهور الدليل مثلا أو لغير ذلك ارتفع حكم الاجتهاد الى القطع لأن ذلك الاجتهاد صار في حكم التوقيف لأنه مجمع عليه إذ أن أمة السنة والجماعة لا تجمع إلا على حق فصار حكما قطعيا وهكذا إذا كان ذلك الحكم راجع إلى دليل صريح صحيح ظاهر لا يحتمل التأويل والمعارضة. وأما أن يكون استنباط عالم بتبديع معين مفضيا إلى القطع مطلقا ناهيك عن الإلزام به وحمل الناس عليه فقول منكر ودعوى شباكها أوهى من بيت العنكبوت .
فهذا هو ميزان أهل العلم في مسائل القطع التي لا تقبل فيها أنصاف الحلول وتعقد على أزمتها البراءات أما أن يعقد الولاء والبراء على آحاد اجتهادات العلماء فهي طامة التعصب وليس هو من سبيل السلف في شيء ، ولا يهولنك تهويل من يعرض بحال جماعات من المبتدعة كالإخوان مثلا ويقول إذا حتى تبديع الإخوان والقاعدة وغيرهم صارت مسألة اجتهادية على قولكم لأنه لا دليل صريح من الكتاب والسنة صريح على ذاك فلم يذكرهم الله تعالى أو رسوله صلى الله عليه وسلم ولأنه لم يحف تبديعهم إجماعا !
فالجواب أننا إذا سلمنا بذلك فهو اعتراض ضعيف لأنه دليل على فوات مفهوم المسألة الاجتهادية في ذهن المعترض وذلك لاختلاط مفهوم الاجتهاد بمعنى الاختيار ، فكأننا إذا قلنا هذه مسألة اجتهادية أي أن للمرء فيها حق الاختيار بين أطراف الاجتهاد فصار الفرق عنده بين القطع والاجتهاد كالفرق بين الرخصة والعزيمة وهذا المفهوم حقيقية ليس له وجود في مسائل الاجتهاد على هذا النحو من الإطلاق والتصور بل إن مفهوك مطلق الاختيار في مسائل الاجتهاد منهج خطير منتقد نصا من أساطين أصولي أهل السنة كابن القيم وابن حزم رحمهم الله وكلامهم مشهور إذ أن الاجتهاد في معناه الأصلي وهو الأغلب الأعم في مسائله استنفاذ غاية الوسع الطبعي والمكتسب ببذل أدوات البحث والتقصي وذلك فيما يعتبر فيه الاجتهاد بقصد استنباط والوصول إلى حكم شرعي.
إذا فالمجتهد إذا اجتهد في قضية يعتبر فيها الاجتهاد وأداه اجتهاده إلى نتيجة معينة لم يجز له أن يجاوز تلك النتيجة باختيار اجتهاد آخر إلا لعذر معتبر شرعا وصار ذلك الاجتهاد في حقه لازما ومبرئا لذمته لأنه هو الذي في وسعه ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها ، وله أن يعرض اجتهاده على الناس عالمهم وجاهلهم تارة للمراجعه وتارة للبيان بحسب ما أوتيه من علم وبيان ، لكنه لا يجوز له أن يلزم الناس باجتهاده ويحملهم عليه كما بينت ذلك سابقا من كلام ابن تيميةرحمه الله في مبحث سابق وأبعد من ذلك أن يعقد عليه الولاء والبراء . وعليه فإذا جعلنا وصف الغلو لكل من أخطأ في تبديع أحد صار كأننا قابلنا الغلو بغلو آخر لأنه من ذا الذي يسلم من الخطأ !
ولذا فالأولى أن يوصف بأنه خطأ وبالتالى فإن تبديع مشايخ الوصية يعتبر اجتهادا خاطئا أفضى إلى مفاسد كثيرة تربو بكثير جدا على المصالح التي يدعيها أرباب التبديع ومنها صدى أثر تلك الفتنة العجيب في بلدان العجم خاصة كإندونيسيا فإنه على نحو مضاعف أضعافا كثيرة ولو لم يكن من ذلك إلا مسائل الطلاق والخلع والتي كنت شاهدا بنفسي على بعضها وحصل من بعضها تشريد للأطفال وتنفيرا لبعضهم عن السنة إجمالا وغير ذلك مما تحار منه العقول ووالله إنها حمالة عظيمة عند الله تعالى على أصحابها والله المستعان!
هذا إذا سلمنا أن تلك الدعاوي مصالحا لأنك تجدها في حقيقة الأمر ليست كذلك فمثلا دعوى التصفية .. التصفية ممن ?! ممن إذا قام وشرح الواسطية فهو مثل شرحك وإذا تكلم في قضايا الساحة المحلية من ثورات وانقلابات فهو بلا مزايدة عين كلامك أو العالمية كالديمقراطية والعلمانية وحوارات الأديان والليبرالية وغير ذلك فهو مثل قولك وإذا ترجم للعلماء الراسخين السالفين على الهدى فكأنها ذات ترجمتك وإذا انتسب إلى الأئمة فهي كنسبتك إليهم يترحم على من تترحم منهم ويتولى من تتولى منهم وغير ذلك. ولكن يختلف معك في قضايا قليلة سقفها أسماء دون قبر الشيخ مقبل رحمه الله!
وأما فوق ذلك فمتفق عليه دعنا من التهويل واصطناع المسائل كقول القائل لهم أصول تخالف منهج السلف وهي مقولة تزري بعلم صاحبها لا سيما إيرادها هكذا بإطلاق نسأل الله العافية.. وآخر يقول لأخذهم المساجد وأذيتهم الأخوة والحاصل أن هذا متناول من الطرفين على بعضهم البعض لأن التعصب إذا جرى في العقول حرمها الإنصاف فوقعت في الظلم وهي ضمن أحوال وقع فيها جميع الأطراف فلم المزايدة وتحميلها مالا تحتمل!
وآخر أبعد من ذلك يقول يحاربون السنة وهذا لفظ لولا التأويل لكان تكفيرا بالجملة وسوق مثله يكفي لرده لما فيه من تجاوز المعقول !
وآخر أفصح من الذي قبله يقول حاربوا أهل السنة وهذا القول لمن تفكر يعتبر أحد دلالت الغلو في صاحبه إذ لو سألته هل هناك من وجود لأهل السنة في الدنيا ممن لا يعرفون أو قل لا ينتسبون أو قل لا يوجد لهم أدنى تواصل مع الشيخ يحيى!
فهو بين خيارين .. فإن قال لا يوجد !
فقد كفانا مؤنة جوابه لأنه من زمرة من رفع عنهم القلم ! وإن قال نعم ولا بد ، فنسأله هل هم محاربون من مشايخ الوصية كذلك أم لا ? فإن قال نعم قلنا إثبت لنا ذلك وإلا فالحق بصاحبك الأول ، فبالأمس تترحمون جميعكم في آن واحد على اللحيدان رحمه الله وهذا مثال من أمثلة عدة وتصفونه جميعا بالعلم والسلفية ! ولا يقولن قائل "إذا عندكم أصل جديد وهو أن كل أحد ترحم على علماء السنة يعتبر سنيا !" فإن إيراد مثل هذا الإعتراض ضحالة في الحوار وضعف في الفهم ، والنظار يسمون مثل هذا الإيراد "بالاعتراض السخيف" وإيراده يكفي لسقوط صاحبه في عين محاوره، فإن كلامنا في أناس مخصوصين يستوون في المشرب المنهجي لا غير.
وعلى غاية من التنزل تسهيلا لبعض الفهوم أقول "إن إثبات وجود مجتمعا سنيا يحظى باعتراف الطرفين لا يحاربه مشايخ الوصية ويعتقدون سنيته ويحبونه لسنيته كما هي على الحقيقة تعتبر داحضة لدعوى أنهم يحاربون أهل السنة هكذا بالإجمال !" وهي الدعوة التي بني عليها التبديع عند كثير فتأمل!
وحقيقة الأمر "على وجه التنزل في التوصيف بغية التسهيل" هم يحاربون الشيخ يحيى ومن انتسب إليه لأنهم يرونهم على خطأ ونحو ذلك وليس من أجل السنن العلمية والعملية التي يستحق بها المرء وصف السني في أصقاع المعمورة !
إذا وبغض النظر عن الصواب من الخطأ من التفصيل في تلك المحاربة إلا أنها لا تعتبر مبدعة لهم هكذا بإطلاق!
فالشيخ يحيى وفقه الله وعلى فضله حفظه الله إلا أن أمة السنة والجماعة في الدنيا لم تجمع على أنه محنة للناس! فليس كل من أبغض الشيخ يعتبر مبتدعا ولكنه خطأ على كل حال وهكذا فإن تخطئة الشيخ في بعض القضايا لا تعني بغضه مطلقا إلا في ذهن متعصب بل لا بد من التفصيل ، أي أن حب الشيخ مع تخطئته في بعض القضايا قد يجتمعان في قلب مسلم كما يجتمعان في غيره من العلماء فلم الغرابة والإلزام وتقحم الصدور!
فهذا الامام مقبل يقول في كتابه بلوغ المنى وردي على الإمام الشوكاني ـ رحمه الله ـ لا ينقص من قدره، وليس هو أول واحد أخطأ !
ثم تمثل برد الصنعاني على ابن تيمية وابن القيم ولم ينقص ذلك منهما شيء بل هو رفعة لمن تفكر رحمهم الله جميعا !
ومما يدل على الخطأ في تلك المقالة ومجانبتها للصواب هو المصلحة العظيمة المرتقبة من ترك هكذا مقالة فإن ذلك كاللبنة التي تجمع الصفوف وتقرب الأرواح قبل الأفهام وتقوى بها السلفية بحول الله وقوته ولذا فغاية العجب من أفهام ترى أن السعي في الصلح وردم الخلاف وتقليل الفجوة بين المشايخ عموما ناقضا من نواقض السلفية ودليلا من أدلة الزيغ والدخن في الديانة! هذا مع قول الله تعالى "والصلح خير" وقوله "لاخير في كثير من نجواهم إلى قوله أو إصلاح بين الناس" وإني لأذكر نصا لابن تيمية رحمه الله من المجموع عند ذكره فرح المسلمين واستبشارهم خيرا عند أن أصطلحت الحنابلة -أهل السنة- والأشاعرة في وقته قبل فتنة ابن القشيري وذلك عند أن اقتضت المصلحة كالجهاد في سبيل الله هكذا صلح ومن ذلك أيضا ما حصل من الجهاد تحت لواء الناصر صلاح الدين الأشعري وفتح بيت المقدس .
والخلاصة أن مشايخ الوصية وفقهم الله ليسوا محاربين لأهل السنة لأنهم حملة للسنة كذلك.. وادعاء مثل هذا إجحاف مع المخالف وتتطفيف في الميزان وإسفاف بعقول العقلاء.
فإن قال قائل أين وجه الغلو الذي ذكرت في تلك الدعوى !
فالجواب هو أن توصيف "يحاربون أهل السنة " إنما جاء من عند من أسبغ وصف أهل السنة حصرا على الشيخ يحيى ومن معه فقط ، وهذا هو لازم القول الصريح فإن قال إنما أردنا أنهم صفوة أهل السنة قلنا هذا تنظير حادث يحتاج إلى نص صريح في إثباته وهو على كل حال أمر نسبي ولكن بغض النظر عن ذلك فدعوى الصفوة لا تنافي أن غيرهم مازال من أهل السنة !.فإن قال لا ليس ذلك لازما لأننا قصدنا محاربة أهل السنة في اليمن فقط ..
قلنا هب أن الأمر كذلك فلم لم تقيدوا اللفظ وتقولوا يحاربون أهل السنة في اليمن!..
ثم هب أن الأمر كذلك فهل محاربة أهل السنة في اليمن مع موافقتهم لأهل السنة في غير اليمن تعتبر مبدعا مخرجا من معشر أهل السنة ! إجمالا... ناهيك عن اضطراب وضعف تقعيد هكذا توصيف…
يعني كأن أهل السنة في اليمن هم مفصل أهل السنة في العالم أجمع عليهم تدور رحى السلفية فقط من دون العالمين! من سلفكم في مثل هكذا تنظير ورؤية ومن من الراسخين العلماء يرى الأمور بهكذا منظار بينوا لنا بعلم لنتعلم وبرهان لنعتقد ..!
ولذا لا تستغرب من الشيخ أبي بلال وغيره عند أن يقول لا نعرف سلفية في العالم أجمع نقية صافية كما هي في اليمن "يقصد هو ومن إليه" ثم يترحم على العلامة اللحيدان ويصفه بالعالم وهكذا يصف الفوزان بالعالم وغيرهم .. والمنطق المصدق للشيخ أبي بلال وفقه الله وأصلح أحوالنا جميعا يقضي بأن علم هؤلاء لم يفضي بهم إلى نقاء وصفاء الشيخ أبي بلال ! فما منفعة علم هؤلاء إذا لم يكن من علمهم وتعليمهم السعي في نقاء سيرهم وسير المتلقين عنهم إلى الله تعالى !
وليس القصد من هذا الإيراد بخس المجتمع السلفي في اليمن لا والله ومعاذ الله من ذلك ، بل هو محط فخر لكل سلفي والله ولكن القصد هو رفض هضم غيره من المجتمعات بهكذا لغة ! فإن قيل لا بل علماء سلفيون من طراز الصفاء والنقاء المقصود ولابد قلنا إذا تلك الدعاوى الحصرية منقوضة ولابد.
ولذا فإن الناظر المتجرد يجد أن نظرة مثل الشيخ أبي بلال لبعض علماء اللجنة الدائمة مثلا وغيرهم كثير التي يحفها الإجلال والاعتراف بالفضل والعلم والسلفية تعتبر مفصل اضطراب بالغ شديد الحيرة لمناقضتها الصريحة لكثير من الأمور في سير هؤلاء بمعنى إن إجلال الشيخ العلامة الغديان ووالشيخ اللحيدان رحمهم الله والفوزان مثلا وهؤلاء ممن صرح مرارا وتكرارا تنظيرا واستدلالا زجرا ووعظا بأن علم الجرح والتعديل خاص بعلماء الحديث الراسخين وليس هو لعامة طلبة العلم ناهيك عن عوام أهل السنة وهذه المسألة بذاتها تعد أحد المسائل المفصلية التي تنسبك مع مسائل أخرى معدودة في عقد لواء الصفاء والسلفية عند مثل الشيخ أبي بلال ودعوى مثل هذه عند كثير منهم كافية في مجانبة قائلها والتحذير منه بتهمة الميوعة في الدين مثلا إن لم يصل الحال إلى تبديعه ! ولن يشفع له مطلقا عند مثلهم أنه آخذ بقول واستدلال وتنظير ومنطق من يعتقدون علمه وإمامته وسلفيته !
…. نعم عجايب والله المستعان !
ولذا إذا سألت البعض لا سيما الأحداث المنفعلين منهم والذين تجدهم في الغالب يتولون النيل والتعقيب على طلاب العلم بل في الغالب هم المتصدرين للحكم والتحكيم عن مواقف العلماء في قضايا الجرح والتبديع تخلص بخلاصة أن العلماء هؤلاء يعتبرون علماء إلا في تلك الأبواب فإن لها رجالها المختصين بها وليس هؤلاء منهم ! على غرار بعض الخوارج الذين كانوا يقولون في الشيخ ابن باز رحمه الله عالم إلا في قضايا الجهاد وهؤلاء يقولون مثلا اللحيدان والفوزان والعباد ووو علماء إلا في باب الجرح والتعديل !
أقول : هذا كله على وجه التنزل الجدلي وإلا فأجزم أن الشيخ يحيى ومن معه من المنصفين لا يوافقون بمثل هذا كلام وتزكية للذات والله المستعان … فلا أعرف كلاما للشيخ يحيى صريحا أو تعريضا يقول نحن فقط أهل السنة في اليمن أو في غيره والباقون من المستحقين للهلاك ونحو ذلك وإن وجد لغيره من أصحابه المنصفين مثل هذا الطرح فهو مع أنه خطأ ظاهر إلا أنه لا يحط من قدر ما أصابوا فيه إن شاء الله تعالى ..
إذ أنها استنتاجات من البعض تورد في مقام الاستطراد لا في مقام التحقيق ولذا فإن تلك المقالات لا تخلوا من اضطراب في ذهن من رزق الإنصاف والتجرد طال الأمد أم قصر . والله المستعان .
سؤال :
بالنسبة لما ذكرت عن موقف الشيخ محمد هل فعلا كان لا يقبل النصح لأنه رجل عنيد كما قيل!
الجواب :
يا استاذي الفاضل ... أعطيك الخلاصة في هذه القضية والتي تتمحور عليها مواقف كثير من المنصفين ناهيك عن المجحفين في تركهم للشيخ محمد .. وهذا الكلام من جهتي هو خلاصة بحثي في هذه النقطة بعد تقص بالغ بقدر الاستطاعة ..
الخلاصة :
الشيخ محمد لم يرد النصح والحوار والنقاش هكذا مطلقا فيما علمت كيف وهو في أوج استفحال القضية يعتذر على الملأ في قضية حذفه المقدمة بما قد سمعه الجميع يعني أنه رجاع للحق إن شاء الله معترف بفضل الشيخ يحيى ولا يمانع أن يقول "أخطأت" على رؤوس الأشهاد ( علما أن هذه النقطة كان لها دافع شديد في قلبي لتمحيص موقف العناد الذي يصفه به البعض) فالحقيقة أن النصح الذي وجه للشيخ محمد ووصف الشيخ محمد برده والعناد فيه كان أولا نصحه بقبول قضية التحكيم خاصة ، التحكيم مع من ?يرى هؤلاء الذين يصفونه بالعناد أن التحكيم إنما هو مع إخوة سلفيين طلاب علم أخذوا عليه مآخذ منهجية !
ويرى الشيخ محمد ومن إليه أن التحكيم إنما هو مع أناس لا يرقبون فيه إلا ولا ذمة ويتربصون به الدوائر !
طيب .. الآن حصل الاختلاف في توصيف "لجنة التحكيم" بين هؤلاء الذين يصفونه بالعناد وبين الشيخ محمد ومن إليه فبقول من نأخذ!
الجواب لا نأخذ بقول أحد منهم ، إذ أن الحجج إذا تكافأت سقط الاستشهاد بها دليلا لشدة التماثل وتطرق الاحتمال وحسما لمادة الدور اللامنطقي ، ونرجع لمن يتفق عليه الجميع في ذلك الوقت وهو الشيخ يحيى وهذا الذي كان عليه السلف في مثل هذه الأحوال كالأثر الصحيح المشهور عن سفيان الثوري فإنه قال ( كنا إذا اختلفنا في شيء أتينا مسعرا) يعني ابن كدام الإمام شيخهم ، فترفع القضية إلى الشيخ يحيى وتحصل المراجعة منه إلى الشيخ محمد وانتهينا.
هذا الذي كان ينبغي ولكن للأسف لم يحصل .
والناظر يجد أن قضية التحكيم في الدعوة مع الدعاة لا بد من التفصيل فيها غاية التفصيل فإنها قضية في غاية الحساسية فليس كل من اعترض على قائم بدعوة ألتفت إليه ناهيك أن يتحاكم معه فلا بد من النظر في أحوال الدعاة أي المدعى عليهم والمدعين وحقيقة الدعوى وتمحيص ذلك والنظر في فائدت التحكيم قبل النظر في حاجته ناهيك عن الإلزام به .
ثم ثانيا تطورت القضية من نصحه بقبول التحكيم إلى نصحه بالتراجع عن تراجعه في تبديع مشايخ الوصية بعد أن صرح بذلك وهو أصل ما كانوا يريدون أن يحاجوه فيه وهي فترة ما بعد نصحه بقبول التحكيم .
وكما ترى فإن مثل هذا الطرح هو إلزام وإملاء أكثر منه ترشيد ونصح لرجل يرى من نفسه أنه أهل للبحث والبت في جل تلك المسائل بما آتاه الله تعالى من علم إذ أن محورها جميعا محط اجتهاد ولا شك أن طالب العلم المتجرد يأنف لنفسه عن هكذا إلزام لأنه ينافي ذات العلم بل ينافي معنى الطلب أصلا لأن تركيب مادة طلب العلم تحمل في طياتها الإجتهاد بالبحث والنظر والتجرد سعيا للوصول للعلم وهذا ينافي معنى الإلزام والتقليد بمعنى أن إلزام طالب علم بما لا يعتقد في أمر يسعه ألا يعتقد يعتبر تحقيرا لذات طلبه الذي أودى به ألا يعتقد وهو حال ينتج عنها تنافر القلوب على أقل الأحوال والله المستعان.
سؤال :
أخيرا حفظكم الله كيف حال الدعوة عندكم؟
الجواب :
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات فأنا واخواني الذين حولي هنا في ماليزيا منشغلون بما فيه نفعنا إن شاء الله وأنا حريص غاية الحرص إن شاء الله تعالى على ترشيدهم مع نفسي عن الوسطية العادلة في جل اختلافات الفضلاء أصولا وفروعا علما وعملا وأحاول جاهدا أن أبين لنفسي وإخوتي معاني فصل المتغايرات بعدم الخلط بين المفاهيم السلوكية التي لها أثر بالغ في نهج المرء إلى الله تعالى كما بين ذلك ابن تيمية رحمه الله مرارا وغيره كالمعلمي ومن ذلك خلط العواطف بالحقائق ومفهوم الإجلال بالتقديس وخلط مفهوم التلقي بالتلقين وخلط مفهوم التأصيل بالتحصيل لينتج عنه التصدر قبل التأهل وغير ذلك مثل تجريد القلوب من المؤثرات التي تتحكم بقضية التجرد لله تعالى وهكذا أسعى دوما في تقعيد الأمور وتنظيرها من منظور الراسخين الذين سلفوا على الهدى ومن تبعهم بإحسان كألا يعقدوا الولاء والبراء على اجتهادات العلماء المجردة بسبب العواطف مثلا وهنا مكمن الإصلاح في القضية السالفة وحب الشيء قد يعمي ويصم وغيرها كثير من قضايا الساحة فلو أعطينا أقوال وآراء الرجال مهما كانوا فضلاء حقها من النظر دون مبالغة لما تعقدت الأمور في كثير من القضايا فهذه وصيتي لأخوتي في الله جميعا وأخص منهم الذين تدارسنا معهم العلم سواء أخوتي الفضلاء في اليمن وأخص منهم اخوتي في عدن خاصة في مسجد الجبرتي وفقهم الله وغيرهم وكذلك اخوتي الفضلاء عندكم في إندونيسيا خاصة في سورابايا ومنهم اخوتي الفضلاء في بلاد المالديف وهكذا إخوتي الذين معي هنا في ماليزيا لا سيما من قرأ علي منهم القرآن وأجزتهم أم لا ، فأوصيهم جميعا بالتريث في كل تلك الأحوال وعدم تقحم الفتن وإعطاء القضايا حقها من التمعن والنظر إجلالا للعلم وتعظيما له وتحكيما للحق ومعرفة الفضل لأهله وقبل ذلك الانشغال بما فيه نفعهم من التأصيل العلمي الصحيح بما في ذلك حفظ كتاب الله تعالى واتقانه على طريقة أهل الأداء والتلقي وحفظ السنن واتقان مفاهيمها والتدرج في الطلب على ضوء منار الراسخين العلماء وكما أن القفز والتقحم في أحوال الدنيا ومسائلها تودي بالمرء إلى فوات ما فيه أعظم نفعه على أقل الأحوال فكذلك أحوال الديانة ومسائل العلم من باب أولى . والله المستعان. والله أعلم.
هل تأذن بالترجمة والنشر ؟
الجواب:
افعل ولا حرج …